
دار السلام – تدخل تنزانيا حقبة جديدة في العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية مع المغرب بتوقيع 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم خلال الزيارة الأولى للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى دار السلام التي بدأها، الأحد.وتصل قيمة الاستثمارات التي ستضخها المغرب في تنزانيا بحوالي ملياري دولار، بحسب ما كشفه وزير الخارجية التنزاني أوغستن ماهيغا لصحيفة “ذي غارديان” التنزانية.
وتشمل تلك الاتفاقيات بين الطرفين كافة المجالات التنموية والاقتصادية والتقنية والزراعية والبنية التحتية، إلى جانب تطوير القطاع المالي والمصارف، وهو ما يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لتدشين تعاون أكبر في طريق تطلعات الجانبين إلى مستقبل تشاركي أفضل.ويطمح المغرب إلى توسيع قاعدته الاقتصادية بالانفتاح على دول جديدة في شرق أفريقيا، حين عقد مع روندا حزمة من الاتفاقيات في كافة المجالات، كما يتوقع أن يبرم اتفاقيات أخرى مع زيارة الملك محمد السادس إلى إثيوبيا في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وتعتبر تنزانيا من بين الدول المستقرة اقتصاديا إذ سيحافظ خلال السنتين القادمتين على نفس مستوى النمو المقدر بنحو 7 بالمائة، بحسب توقعات البنك الدولي، وعلى هذا الأساس يجتهد المغرب لتطوير آليات التعاون وتعزيز العلاقات الثنائية في مجال الأعمال.ويرى خبراء أن هناك تماثلا واضحا بين المغرب وتنزانيا على مستوى الاستقرار السياسي والبيئة المشجعة على النمو الاقتصادي والاستثماري، وكذلك الاعتماد على القطاع الزراعي كقاعدة ارتكاز في التوازنات الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي في البلدين.ويتطلع البلدان إلى أن يصبح القطاع الزراعي من ركائز تطوير العلاقات الاستثمارية وتبادل الخبرات بينهما، حيث يعتبر أحد دعامات الاقتصاد المغربي بمساهمته بنسبة 14 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يمثل 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتنزانيا.ويعدّ المغرب من الدول القليلة في أفريقيا التي تستثمر بقوة في القارة خلال السنوات الأخيرة حيث تنتشر المقاولات المغربية بشكل متنام داخل السوق الأفريقية من خلال القطاع البنكي والأشغال العمومية والسياحة والاتصالات والزراعة والأسمدة.
كما طوّر القطاع الخاص المغربي آليات الاستثمار ممّا يؤهله للقيام بأدوار متميزة في مشاريع تنموية واقتصادية تعود على الجانبين بالفائدة وهذا ما تصبو إليه العلاقات المغربية التنزانية.وتتحرك الرباط ضمن استراتيجية تهدف إلى التكامل الفعال مع شرق أفريقيا، ضمن إطار تنافسي يجعل من التنمية هدفا تشاركيا يشترط تأهيل العنصر البشري وتقوية البنية التحتية التجارية وتيسير الترسانة القانونية لتسهيل الاستثمار وتطوير خطوط العلاقات التجارية.وبموازاة مع زيارة الملك محمد السادس لتنزانيا وتحقيقا للطموح القوي لتطوير العلاقات الاقتصادية على كافة المستويات بين البلدين انعقدت، السبت الماضي، في العاصمة دار السلام، أشغال الدورة الأولى للمنتدى المغربي- التنزاني للتجارة والاستثمار.
واعتبرت سامية صولوحو حسن نائبة الرئيس التنزاني، المنتدى فرصة لاستكشاف الآليات الكفيلة بدفع العلاقات والمبادلات الاقتصادية والتجارية الثنائية وجعلها ترتقي إلى مستوى أفضل، مشجعة الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين المغاربة على الاستثمار في تنزانيا.ويعرف اقتصاد تنزانيـا طفـرة نـوعية على جميع المستـويات، بحسب حسن، ولا سيما من خلال تحسين مناخ الأعمال وتعزيز جاذبية الاستثمارات الأجنبيـة، مسلطـة الضـوء على المناخ الإيجابي للأعمـال الـذي تـوفره تنـزانيا.
ويرى خبراء أن قطاعات السياحة والفلاحة والطاقة والنفط والغاز والبنية التحتية والمناجم، بإمكانها أن تكون فرصة استثمارية سانحة أمام القطاع الخاص المغربي، للدخول في اتفاقيات متبادلة في هذه المجالات الاستراتجية.ويبلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والعديد من دول القارة أكثر من 500 اتفاقية للتعاون، اقتصاديا وتجاريا وتنمويا.
وتقول مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن المبادلات التجارية بين البلدين التي تقدر بنحو 6 ملايين دولار تظل دون التطلعات، وهو ما يؤكد أهمية المنتدى الذي سيتيح الخروج بخارطة طريق تحدد التدابير التي يتعين اتخاذها للنهوض بالمبادلات الثنائية.وركزت شقرون على الآليات الكفيلة بتطـوير العلاقات التجارية بين البلدين منها الإعفـاء الضريبي وإحـداث خط جـوي مباشر بين البلـدين، مشيـرة إلى أن تنـزانيـا مـن شأنها أن تشكـل جسـرا للاستثمار والصادرات المغربية صوب منطقة شرق أفريقيا.
من ناحيته، اعتبر المدير التنفيذي لمؤسسة القطاع الخاص التنزاني غودفري سيمبيي، أن لدى تنزانيا الكثير مما يتعلمه من المغرب ومن اقتصاده، مقترحا إحداث أرضية مشتركة وذلك من أجل تعاون أكثر متانة بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومؤسسة القطاع الخاص التنزاني في مجالي التجارة والأعمال.
المزيد