
أكد مشاركون في لقاء بالدارالبيضاء حول اختصاصات ومهام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن هذه الأخيرة، المحدثة بمقتضى الفصل 36 من دستور 2011، ينبغي أن تتبنى توجهات ترتقي إلى مستوى التحديات الاجتماعية ورهانات التنافسية الاقتصادية للبلاد.
واعتبر المتدخلون في اللقاء الذي احتضنه الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مساء الخميس المنصرم، أن الهيئة الجديدة، التي ستعوض الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة والتي تمت المصادقة على مشروع القانون المحدث لها من قبل مجلس الحكومة في يونيو الماضي، لا يمكنها أن تواجه الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية للمملكة دون منحها صلاحيات واسعة تمكنها من القيام بدورها كاملا في ما يتعلق بالمساهمة في تحسين مناخ الأعمال وتقوية تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبيته.
وأبرز الوزير المنتدب المكلف بالحكامة والشؤون العامة، محمد الوفا "أن الحكومة وضعت أمام مجلس النواب مشروع القانون الخاص بإحداث الهيئة"، أملا في أن تنجح هذه الهيئة في أداء مهمتها المتمثلة في القضاء على الرشوة كظاهرة تعاني منها حتى الدول الأكثر ديمقراطية في العالم.
وكشف الوفا أن الخسائر التي تتسبب فيها الرشوة داخل الاتحاد الأوروبي قدرت بـ 135 مليار أورو، معتبرا أن هذا الرقم يعكس خطورة الظاهرة ومدى تهديدها للاقتصاديات الوطنية.
ويؤكد وزير الحكامة أن "النتائج الإيجابية التي سيجنيها المغرب من وراء محاصرة الظاهرة، والحد من تأثيراتها السلبية على تنافسية الاقتصاد الوطني، يجب أن تظهر جلية في حياة المواطن على مستوى علاقته المباشرة بالإدارة، والأمر نفسه بالنسبة إلى المقاولة، مهما كان حجمها، حتى تستطيع العمل في مناخ آمن، وتضطلع بدورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد".
أما مدير المشروع الإقليمي لمحاربة الرشوة لدى برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالعالم العربي، أركان السبلاني، فاعتبر أن تنظيم اللقاء يهدف إلى تدارس مكامن القوة والضعف في مشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على ضوء تجربة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وكذا مقارنة الممارسات والخبرات المحلية مع تجارب البلدان المجاورة.
من جهة أخرى، أبرز نائب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، صلاح الدين القدميري، أن من شأن ضمان استقلالية الهيئة الجديدة أن يكفل لها نجاعة أفضل، داعيا مجموع المتدخلين المعنيين إلى التعاون من أجل بلورة إطار قانوني يمكن من توفير الموارد البشرية والمالية والتنظيمية التي تخول لها أداء مهامها وفق الاختصاصات الممنوحة لها بنص الدستور.
وأشار القدميري إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب لاحظ أن نص القانون المنظم للهيئة شكل في صيغته الأخيرة موضوع مشاورات ولقاءات عديدة بين مختلف الفاعلين المعنيين من داخل القطاعات الوزارية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني وخبراء محليين وأجانب على مدى ما يربو عن ثلاث سنوات.
وتابع أن اللقاء يعد مناسبة لمناقشة موضوع محوري وأساسي بالنسبة للمقاولة المغربية، مسجلا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال محاربة الرشوة تتطلب إيجاد إطار للتشاور وتبادل الأفكار ووجهات النظر بخصوص هذه القضية الجوهرية.
يشار إلى أن اللقاء، الذي نظم بتعاون بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والبرنامج الإقليمي لمحاربة الرشوة بالعالم العربي التابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، عرف مشاركة ممثلين عن الحكومة وهيئات المجتمع المدني وفاعلين اقتصاديين إلى جانب عدد من الخبراء الدوليين.
يذكر أن إحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها يهدف إلى الارتقاء بعمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وتعزيز دورها في توسيع وترسيخ ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد، وتخويلها مهمة المساهمة الفاعلة في تطوير البرامج الوطنية في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته
المزيد